mc nabulsy
المشاركات : 21 الانتساب : 18/11/2015 تاريخ الميلاد : 11/09/1998 نقــاط التميــز : 9933 الـعـمـر : 26 التقييم : 0
| موضوع: النسيانُ في القرآنِ الكريم السبت أكتوبر 29, 2016 10:30 pm | |
| إنَّ الْحَمدَ للَّهِ نحمدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفرُهُ، ونعوذُ باللَّهِ مِنْ شُرُورِ أنفسنا وسيئاتِ أعمالنا، مَنْ يهده اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هَادِي لَهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللَّهُ وحده لا شريكَ لَهُ، وأشهد أنَّ مُحمَّدًا عبدُهُ ورسولُه، أما بعد: فالنِّسيان: ضدُّ الذِّكْر والحِفظ، والنِّسيانُ : الترك . والنسيان: ترك الإنسان ضبط ما استودع إما لضعف قلبه، وإما عن غفلة، وإما عن قصد حتى ينحذف عن القلب ذكره . " المفردات في غريب القرآن " (1/491). وللنِّسيان صور منها:
أولاً : نسيان النفس قال تعالى : " وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ " [الحشر/19] . فعاقب سبحانه من نَسِيَهُ عقوبتين، إحداهما : أنه نَسِيَهُ، والثانية : أنه أنساه نفسه . قوله تعالى " ولا تكونوا كالذين نسوا الله " أي : تركوا أمره " فأنساهم أنفسهم " أن يعلموا لها خيراً قاله بن حبان، وقيل : نسوا حق الله فأنساهم حق أنفسهم قاله سفيان، وقيل " نسوا الله " بترك شكره وتعظيمه " فأنساهم أنفسهم " بالعذاب أن يذكر بعضهم بعضا حكاه بن عيسى، وقال سهل بن عبد الله : " نسوا الله " عند الذنوب " فأنساهم أنفسهم " عند التوبة . ونسب تعالى الفعل إلى نفسه في " أنساهم " إذ كان ذلك بسبب أمره ونهيه الذي تركوه، وقيل : معناه : وجدهم تاركين أمره ونهيه كقولك " أحمدت الرجل إذا وجدته محمودا "، وقيل " نسوا الله " في الرخاء " فأنساهم أنفسهم " في الشدائد . " تفسير القرطبي " (18/43).
ثانياً : نسيانُ اللهِ قال تعالى : " الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ المُنَافِقِينَ هُمُ الفَاسِقُونَ " [التوبة/67] . " نسوا الله " فلا يذكرونه إلا قليلاً " فنسيهم " من رحمته فلا يوفقهم لخير، ولا يدخلهم الجنة بل يتركهم في الدرك الأسفل من النار خالدين فيها مخلدين . " تفسير السعدي " (ص343) وقال الإمام ابن كثير رحمه الله : " " نسوا الله " أي : نسوا ذكر الله " فنسيهم " أي : عاملهم معاملة من نسيهم كقوله تعالى " فاليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا " " . أ . هـ . " تفسير ابن كثير " (2/369)
ثالثاً : نسيان عهد الله قال تعالى : " فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ " [المائدة/13] . " ونسوا حظا مما ذكروا به " أي : نسوا عهد الله الذي أخذه الأنبياء عليهم من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبيان نعمته . " تفسير القرطبي " (6/116) قال الشيخ السعدي رحمه الله : " أنهم " نسوا حظا مما ذكروا به " فإنهم ذكروا بالتوراة وبما أنزل الله على موسى فنسوا حظا منه، وهذا شامل لنسيان علمه، وأنهم نسوه، وضاع عنهم، ولم يوجد كثير مما أنساهم الله إياه عقوبة منه لهم، وشامل لنسيان العمل الذي هو الترك فلم يوفقوا للقيام بما أمروا به " . أ . هـ . " تفسير السعدي " (ص225)
رابعاً : نسيان اليوم الآخر قال تعالى : " الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ " [الأعراف/51]، وقال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ " [ص/26]، وقال تعالى : " فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ " [السجدة/14]، وقال تعالى : " وَقِيلَ اليَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ " [الجاثية/34] . قال الإمام الطبري رحمه الله : " أي : ففي هذا اليوم وذلك يوم القيامة " ننساهم " يقول : نتركهم في العذاب المبين جياعاً عطاشاً بغير طعام ولا شراب كما تركوا العمل للقاء يومهم هذا ورفضوا الاستعداد له بإتعاب أبدانهم في طاعة الله " . أ . هـ . " تفسير الطبري " (8/202)
خامساً : نسيان آيات الله قال تعالى : " قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى " [طه/126] . أي : لما أعرضت عن آيات الله وعاملتها معاملة من لم يذكرها بعد بلاغها إليك تناسيتها وأعرضت عنها وأغفلتها كذلك اليوم نعاملك معاملة من نسيك " فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا " فإن الجزاء من جنس العمل، فأما نسيان لفظ القرآن مع فهم معناه والقيام بمقتضاه فليس داخلاً في هذا الوعيد الخاص وإن كان متوعداً عليه من جهة أخرى؛ فإنه قد وردت السنة بالنهي الأكيد والوعيد الشديد في ذلك . " تفسير ابن كثير " (3/170) والحمد لله رب العالمين | |
|