دخلت
"بدرية" في مشاحنات مع زوجها منذ الأسبوع الأول من الزواج بعد أن لاحظت
أنه يحاول فرض رأيه وهيمنته عليها، تقول "كلما ذكرت له شيئا وحاولت إقناعه
بوجهة نظري أجابني قائلا: "أنا لست كصديقي خالد مسلوب الإرادة، ولن تفرضي
رأيك، وتغيري من أوامري"، وتابعت: "وهكذا إلى أن ضقت ذرعا بتصرفاته
الهوجاء، وقررت الرحيل إلى منزل والدي إلى أن يطرد تلك الأوهام من مخيلته،
والتي جعلته يتأثر بتجارب من حوله".
وهكذا قد تؤثر انطباعات خاطئة
وأوهام على علاقة الرجل بالمرأة، وبخاصة المقبلين على الزواج، وقد تفرض
تلك الأوهام تعاملا خاصا بين الزوجين وتعكس ظلالها السلبية، حيث يتوهم أحد
الطرفين أن الطرف الآخر يسيطر عليه، بفعل التجارب التي يستمع لها من
الآخرين.
ولم تكن "هنادي" أفضل حالا من سابقتها، حيث وقع زوجها فريسة
للأوهام والمعتقدات الخاطئة جراء الإنصات لتجارب أصدقائه، ونصائحهم التي
أوشكت على هدم حياته الزوجية منذ بدايتها، تقول "الأزواج الذين عاشوا
تجارب سيئة مع زوجاتهم بفعل تصرفات خاطئة من قبل الزوج أو الزوجة، وفشلوا
في معالجتها لم يكتفوا بهذا القدر، بل يحاولون جاهدين بدعوى النصح
والإرشاد إظهار تلك التجارب على السطح للتأثير على المتزوجين حديثا".
تقول هنادي "لولا حسن التصرف والتعامل مع الأمور بعقلانية لكنت الآن على خلاف مع زوجي، وفي منزل أهلي".
وعن
تجربتها تقول: "منذ بداية زواجي وزوجي يعاملني بجفاف، ولا ينصت لرأيي،
والقرارات التي تخصنا يقرها بمفرده، ويمنع تدخلي حتى لو كان رأيي صائبا،
ظنا من أنها البداية لسيطرتي عليه، والحقيقة غير ذلك، فالرجل الذكي هو من
يستشير زوجته في الأمور التي تخص حياتهما الزوجية، ولا يعتبر رأيها مجرد
سيطرة وهيمنة على الوضع".
وتابعت هنادي قائلة: "عندما أخبرت إحدى
صديقاتي بوضع زوجي، وأنه لايأخذ برأيي، ويحاول فرض سيطرته على أية موقف
قالت لي: زوجك متأثر بتجربة صديقه في العمل، وهي تجربة الكل يتحدث عن
فشلها لاسيما الإشكالات التي تسببت فيها زوجته، وتسببت في تشريد أسرة
بكاملها".
وأضافت "من هذا المنطلق أدركت السبب في تعامل زوجي معي،
وأرجعت تصرفاته إلى أوهام وتجارب سابقة لأصدقائه مع زوجاتهم، وبدأت في
معالجة الأمر بروية حتى استطعت أن أغير مسار تفكيره، وأخرجه من دائرة
الوهم تلك".
ويرى عوض خليف العنزي أن "كثيرا من الشباب المقبلين على
الزواج يتأثرون بتجارب من حولهم، وينصتون لها، ويعتقدون أن تجاربهم ما هي
إلا تكرار لتجارب الآخرين، وفي الحقيقة الأمر يختلف تماما".
ويضيف
"الشاب المقبل على الزواج عليه ألا ينقاد لتجارب من حوله، سواء من محيط
عائلته أم من الأصدقاء، فوهم سيطرة المرأة على الزوج أو غيره من
الاعتقادات الخاطئة التي قد يولد انعكاسات سلبية على الحياة الزوجية، خاصة
فيما يتعلق بأسلوب التعامل مع الزوجة".
الزوجات أيضا يتأثرن بتجارب
الصديقات، ومنهن "سامية" التي دفعتها تجربة صديقتها الفاشلة في الزواج من
رجل بخيل، إلى افتعال المشكلات مع زوجها، والإثقال عليه بالطلبات للتأكد
من عدم بخله، تقول سامية "كنت أطلب من زوجي طلبات عدة، بعضها غير مبرر،
وأتابع مدى تلبيته لطلباتي، وذلك بسبب تجربة صديقة لي تزوجت من رجل بخيل
أحال حياتها جحيما، وكان زوجي يلبي بطيبة قلب كل الطلبات، حتى جاءت لحظة
تذمر فيها من الطلبات غير المبررة، وتدخلت أمي في الأمر وواجهتني فراجعت
نفسي، فاكتشفت أنني ظلمت زوجي، وأن السبب تأثري بتجربة صديقتي".
من
جانبها أكدت اختصاصية الإرشاد النفسي بجامعة الجوف مريم النزال أن "الحياة
الزوجية ماهي إلا شراكة بين الزوج والزوجة في جميع الأمور، والزوجة سكن
للزوج ومصدر الأمان للأسرة، والعلاقة بين الزوج والزوجة علاقة تكاملية
لاسيما في اتخاذ القرارات".
وعن تأثر الزوج أو الزوجة بتجارب الزيجات
الفاشلة، تقول: "مما لا شك فيه أن الإنصات لتجارب الآخرين قد يؤثر بشكل أو
بآخر على الحياة الزوجية، ولابد من تحكيم العقل في تلك الأمور".
وقالت
النزال إن "من أسباب السعادة الزوجية أن يؤمن كلا الزوجين بأن الزواج
رسالة ومسؤولية عظيمة، وتعاون مستمر، حتى في اتخاذ القرارات، وأن لايعتبر
الزوج إشراك زوجته في تلك القرارات أو مبادرتها بطرح رأيها من باب التسلط،
والأهم من ذلك كله هو أن يؤمنا بأن حياتهما ملك لهما وليست للآخرين، وأن
التجارب الزوجية الفاشلة ليست قاعدة تفرض عليهما طريقة التعامل".