بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال:
ما حكم استخدام " الفيسبوك " في التسويق ، بمعنى أريد العمل من المنزل ، وهناك سيدة لديها مصنع إنتاج منتجات للأطفال ، مثل ملابس أو سرير ، وتريد من كل محافظة مندوبة لها تسوق للمنتجات من خلال الإنترنت ، ويكون لها نسبة 10 بالمائة ، أنتم تعلمون أن " الفيس " مجاله واسع ، فهل يجوز لي أن أنشىء جروبا عليه ، وأضم عليه أعضاء من محافظتي لأعرض عليهم المنتجات أولا بأول ، أخشى شيئين : الأول أن يتعرف من خلال الجروب بنت على شاب فأحاسب على ذلك ، أم أفضل أن أجعله للبنات فقط ، وحتى إذا كان للبنات فقط فهناك الكثير يضعن صور ممثلات ، وبنات غير محجبات ، أو يضعن أغاني على البروفايل الخاص بهم ، فأخشى أن ينقلها أحد من عندهم ويستخدمها فأحاسب على ذلك ، هل ما أفكر به صحيح ويكون هذا في ميزان سيئاتي ، أم ليس لي شأن بهذا ؟
الجواب :
الحمد لله
استعمال مواقع التواصل الاجتماعي في الدعاية والإعلان أصبح اليوم من أنفع الوسائل وأيسرها تكلفة على المنتجين ، فقد غدت واحة واسعة للتعريف بالمنتجات والتسويق لها بعيدا عن الوسائل الترويجية الأخرى التي تكلف المبالغ الطائلة ، ولا تحقق سوى انتشار محدود ، لذلك لجأ الكثيرون إلى هذه المواقع " كالفيسبوك " مثلا ، مستعينين ببعض المختصين أو ببعض التطبيقات المهمة في هذا المجال ، ونشأ عن ذلك مجتمعات كاملة لها خصائصها وميزاتها .
ولعل ذلك يقتضي منا التنبيه على بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بهذه المجتمعات ، فمن ذلك:
أولا :
يجب تخصيص كل جنس بمجموعة خاصة ، وعدم إنشاء مجموعات " groups " يختلط فيها الجنسان ، فقد اخترنا في موقعنا سد هذا الباب لغلق ذرائع المعاصي الناشئة عن تعارف الجنسين ، وإذا كان انفصال الرجال عن النساء مشروعا في المساجد التي أقيمت لعبادة الله ، بل كانت صفوف النساء في العهد النبوي – الذي هو أشرف العهود وأطهرها – منفصلة عن صفوف الرجال في الصلاة ، فمن باب أولى أن يتحقق هذا الفصل أيضا في مواقع التواصل الاجتماعي .
يرجى مراجعة الفتوى رقم : (169654) .
ثانيا :
أما عن الصور الشخصية فلا بد أيضا من نصيحة عامة ينبَّه عليها المشتركون في المجموعة بضرورة مراعاة الآداب الشرعية في تلك الصور ، مع التحذير بمنع أي مشترك يدخل بصور فاضحة تخرج بالمجموعة عن المقاصد التي أنشئت لأجلها ، وهذا الضبط لا بد منه في بعض الأحوال التي تظهر فيها الصورة الشخصية على وجه مثير للريبة والشبهة ، أو مثير للفتنة والشهوة ، إلا ما يتعذر متابعته أو يشق مشقة بالغة ، فمثله يتحمل وزره صاحب الحساب وليس مشرف المجموعة .
ثالثا :
ما قد ينشره بعض المشتركين في حساباتهم من أمور تخالف الشريعة لا يحاسب عليه مشرف المجموعة ؛ إذ ليس ذلك من سلطانه ولا من تحكمه ، وإنما يتحمل إثمة الناشر والمشارك ، والله عز وجل يقول : ( وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) الأنعام/164، ولا يقتضي ذلك تحريم إنشاء المجموعات التواصلية ابتداء ؛ إذ الاستعمال المحرم لا يغلق أبواب الانتفاع المباح ؛ وإلا فسد الكثير من أبواب المباح ، وضاقت الأمور على أهل الخير ، والشريعة لا ترد بمثل ذلك ، وقد قال الفقهاء رحمهم الله : " يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في غيرها "، انظر " الأشباه والنظائر " للسيوطي (ص120)، فلما كانت بيانات حسابات المشتركين ليست مقصودة بإنشاء المجموعة ، وإنما المقصود صفحة الحوار والإعلان التي يكتب فيها جميع الأعضاء ، اغتفر وجود بعض المحرمات في حساباتهم الشخصية ، خاصة وأنها لا تظهر إلا لمن تقصد التفتيش فيها والبحث عنها .
رابعا :
وأخيرا يجب مراعاة الصدق في الحديث ، والأمانة في العرض ، واجتناب كل مبالغة في الثناء على السلعة لترويجها ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ : رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهُوَ كَاذِبٌ ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ العَصْرِ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ فَيَقُولُ اللَّهُ اليَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ ) رواه البخاري (2369) .
والله أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب