إنها الفتاة الباكستانية الصغيرة ملالا يوسف . لها قصة رائعة وهي نموذج حي لحتمية انتصار قوى الحق والخير على قوة الشر مهما بغت وتجبرت
القصة باختصار شديد هي لطالبة صغيرة تعيش في وادي سوات الباكستاني الذي تسيطر عليه حركة طالبان التي تريد تطبيق الشريعة الإسلامية بمفاهيم مغلوطة لا يقرها الإسلام ولا غيره من الأديان
عمدت هذه الحركة إلى إغلاق المدارس التي لا تدرس العلوم الشرعية ، ولم يكتفوا بغلق مدارس البنات فقط ، بل أحرقوها بالمرة . وكانوا من الحدة والقسوة أنهم قتلوا من خالفهم في هذا الأمر دون تردد . تقول ملالا
على الرغم من أنني كنت طالبة في الصف الخامس في عام 2009، لكنني قررت نقل هذه المخاوف التي تعانيها الطالبات إلى العالم الخارجي . لهذا السبب أرشدني أبي إلى كتابة يومياتي بانتظام ونقل مشاعر زميلاتي وجاراتي اللاتي تعرضن للإرهاب
تقول ملالا، الفتاة التي قد تجاوزت عامها الحادي عشر بقليل : عندما بدأت أكتب على مدونة باللغة الأردية لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ، وأنتقد أعمال العنف التي يرتكبها عناصر من طالبان الذين كانوا يحرقون مدارس البنات ، ويقتلون معارضيهم في وادي سوات وفي المناطق المجاورة بباكستان . فقد تم منذ 2007م تدميرما يزيد على400 مدرسة بشكل كامل على يد المقاتلين، وأنا أود العمل من أجل إعادة بناء المدارس المدمرة
كتبت الطفلة: “ كنت خائفة من مشاهدة صور الجثث المشنوقة في سوات. لكن قرار منع الطالبات من ارتياد المدارس كان صادما لي وقررت الوقوف ضد قوى الرجعية
حتى ذلك الوقت كانت ملالا تخفي شخصيتها الحقيقية كمدونة وناشطة اجتماعية. لكن بعد أن طهر الجيش الباكستاني سوات من طالبان ، وكشف الإعلام الباكستاني عن الشخصية الحقيقية لهذه المدونة الصغيرة ، وفي الحال تحولت ملالا إلى شخصية شهيرة في الصحف والقنوات الإخبارية المحلية أو العالمية وانهالت الجوائز عليها.
قبل أيام، كانت حافلة المدرسة تنقل الفتيات إلى منازلهن، حين صعد مسلحون ملثمون إليها وطلبوا من السائق أن يُعرّفهم بمالالا . وعندما تعرفوا عليها أطلق أحدهم رصاصتين عليها ، الأولى استقرت في الرأس والثانية في الرقبة ، وأُصيبت معها فتاتان أخريان. نُقلت الفتيات على عجل إلى المستشفى، وانتُزعت الرصاصات من جسد ملالا . ونقلت الفتيات المصابات على عجل للعلاج في لندن
أعلنت طالبان عن مسؤوليتها عن الاعتداء، مبررة ذلك أنه رد فعل لدورها الرائد في الدفاع عن العلمانية والاعتدال التنويري المزعوم ! . وأن القتل هو مصير كل شخص متورط في قيادة حملة ضدّ الشريعة . ملالا لا تعرف شيئا عن العلمانية أو أي مذاهب فكرية . هي فقط تطالب بأبسط حقوقها . حق التعليم ! . ومن حسن الطالع أنهن قد كتب لهن عمرا جديدا لتظل هذه الزهرة الجميلة مع زميلتيها عنوانا للحرية والتنوير في العالم كله
ملالا التي بالكاد تبلغ الثالثة عشرة ، وحدت باكستان والعالم كله من حولها . حيث أثبتت أن شجاعة الحرية والحق وقوة النور، قادرة دائما على إلحاق الهزيمة بقوى الشر والظلام مهما كانت سطوتها وقوتها.
المنظمات العالمية واليونسكو ومحطة ( بي بي سي ) ومنظمات حقوقية ومدنية عديدة في العالم كله أيدت بشدة منح جائزة نوبل للسلام لهذه الفتاة الرائعة . وهي مرشحة بقوة لنيل هذه الجائزة العالمية الرفيعة ، فتاة صغيرة استطاعت أن تحرك العالم كله نحو قضية وطنها . لم تخف من الموت أو تستسلم ، بل قاومت بكل ما تملك من خلال وسائلها البسيطة ، وانتصرت بأن لفتت انتباه العالم لما يحدث في بلادها . أقول لكم : الإنسان لا يقاس أبدا بسنه أو بحجمه ، بل بقدر من يترك من أثر في مجتمعه خذوها قدوة لكم ولا تخافوا من شيء أبدا