ليلة الوحشة على عيال الحسين(ع) ماحال زينب(ع) في ليلة الوحشة بعد فقد الأحبة هي الليلة الأولى التي تمرّ على ذوي الميت، وهي ليلة الحادي عشر من محرم، وتطلق على المأتم والعزاء الذي يقام بعد تلك الليلة، وتطلق هذه الكلمة اصطلاحا على شعائر العزاء التي تقام ليلة الحادي عشر من شهر محرم، ويجلس فيها الناس بعد غروب الشمس في المساجد والتكايا على هيئة مجموعتين منفصلتين وينشدون المراثي الحزينة تخليدا لذكرى سبايا البيت، وتجري هذه الشعائر عادة بحمل الشموع في ليل مظلم، وأكثر ما يستفاد من الأطفال والصبيان في إجراء هذه الشعائر التمثيلية للتذكير بتشريد أهل البيت وعيال شهداء كربلاء في غروب ليلة يوم العاشر حيث بقوا مشردين من غير ملاذ ولا مأوى وتائهين في ظلمة الليل في صحراء كربلاء. فها هي مفخرة الإسلام السيدة زينب عليها السلام في هذه الليلة تجسد الصبر بكل معانيه فلقد تكالبت عليها الكوارث منذ فجر الصبا لكنها تسلحت بالصبر على النوائب وفجائع الأيام وأقسى ما تجرعته من المحن والمصائب يوم الطف حيث رأت شقيقها الإمام الحسين (ع) لا ناصر له ولا معينوشاهدت الكواكب المشرقة من شباب العلويين صرعى قد حصدتهم سيوف الأمويين وشاهدت الأطفال الرضع يذبحون أمامها .. فقد أحاطت بها جميع رزايا الدنيا ومصائب الأيام، لكنها تسلّحت بالصبر، وقامت برعاية أيتام أخيها، فقد سارعت تلتقط الأطفال الذين هاموا على وجوههم من الخوف، وتجمّع العيال في تلك البيداء الموحشة، وهي تسلّيهم وتصبّرهم على تحمل تلك الرزايا، وأمامها الأشلاء الطاهرة قد تناثرت في البيداء، واُحرقت أخبيتها، وقد أحاط بها أرجاس البشرية ووحوش الأرض. إن أي واحدة من رزايا سيدة النساء زينب لو ابتلي بها أيّ إنسان مهما تذرّع بالصبر وقوة النفس لأوهنت قواه ، واستسلم للضعف النفسي ، وما تمكن على مقاومة الأحداث ، ولكنّها سلام الله عليها قد صمدت أمام ذلك البلاء العارم ، وقاومت الأحداث بنفس آمنة مطمئنة راضية بقضاء الله تعالى وصابرة على بلائه ..