السلام على الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين وعلى الذين بذلوا مهجهم دون الحسين من الاولين والاخرين بارك الله في جهودكم وفقكم الله وجزاكم خير الجزاء موفقين لنصرة الحق واهل الحق عظم الله اجورنا واجوركم في ذكرى استشهادك سيدي لا يختلف عاقلان على أن استشهاد الأمام الحسين " ع" انعطافة كبيرة في التاريخ الأنساني، وحلقة وصل تجمع كل مآثر التضحية من أجل اعلاء صوت الحق، وتعزيز قيم الرجولة والشهامة والتضحية بالغالي والنفيس، ونكران الذات بأوسع أبوابه، لتشكل هذه الواقعة مجموعة اضافية من القيم والثوابت، التي يتقاسمها المسلمون على مختلف مشاربهم وتوزيعهم الجغرافي، وبطريقة متجانسة، يجمعهم فيها عشق مختلف في مدياته، الا وهو التباهي بحب الحسين، ليس من باب المجاملة أو غيرها، بل قناعة من الجميع بان ارادة آلهية هي التي رسمت وجه الحسين في السماء والأرض، ليؤسس مدرسة فكرية تتجدد تلقائيا، بعد أن تجاوزت تضحياته حدود الشجاعة والمعقول بسبب الأيمان الصحيح بصدق المبادئ. من منا لا يحب الحسين؟ سؤال يخجل أي عاقل من النظر حتى اليه، مثلما يرفض حتى المغالين في معتقداتهم مجرد التفكير بهذا السؤال، لأن الامام الحسين لم يكن شخصا عاديا أو طامحا بسلطة أو جاه، فهو رهط رسول الله " ص" ، وأقرب الناس الى قلبه، انه سيد شهداء أهل الجنة، ولايوجد تكريم الهى يرقى ببشر الى هذا السمو، ليتفرد به الحسين " ع "، فيصبح شاهدا على التمييز بين الحق والباطل وحاميا لقيم سماوية على الأرض. ونحن اذ نعيش هذه الأيام " نكبة التاريخ الاسلامي" ونقلب أوجاعنا بكل الاتجاهات، فان ما يخفف من وقع الكارثة، أن الحسين قد وعد فصدق وأوفى، وحدد بوضوح معالم الخير والشر، والفوارق بين المترفع عن مغريات الدنيا والغارق في وحلها، نعم لقد حدد استشهاد الحسين " ع" المعاني والقيم الانسانية بانصع صورة ممكنة، لتتحول قيم استشهاده النبيل الى نبراس تتسع اضاءته لكل بقاع الدنيا، بل حتى الخائفين مع أنفسهم والمنغلقين على أفكارهم يرهبهم كبرياء نور الحسين وعلو شأنه في الدنيا والأخرة معا. ولأن الأمام الحسين"عليه السلام " تحدى غطرسة الحاكم وتخطى عناوين الوجل من أي شيء باستثناء مخافة الله والسجود اليه، والتباهي الانساني بخصوصية نسبه، نقول لأن الامام الحسين موجود فينا نخوة ورجولة وتضحية وعزيمة وكبرياء، فعلينا ان نعجل بمراجعة أنفسنا ألف مرة، لنحدد بصدق اذا كان من حقنا الانتساب اليه، أواذا كنا فعلا من المؤمنين بقيمه ومبادئه، فليس العبرة في البكاء أو الحسرة، بل في كيفية الانتصار لمبادئه الكبيرة في تحقيق العدل ونصرة المظلوم ومحاسبة الحاكم. لم يخرج الحسين حبا بمال أو طمعا بمنصب، ولا فرضا لمقام أو تحقيقا لرغبة في حياة مترفة، فقد خصه العزيز القدير بمنزلة تليق بالانبياء والرسل، وأضفى عليه هيبة تتواصل عروقها مع جسد وروح رسول الله "صل الله عليه وأله وسلم"، وتتسامى في عزتها عن مغريات الدنيا، كيف لا والأمام علي بن ابي طالب " عليه السلام " هو والده ، وحمله رحم بنت رسول الله ،فأين نحن من مآثر سيد الشهداء!! سؤال ننتظر اجابة عليه من سياسيين ورجال دين وفقهاء شريعة، لم يقدموا ما يلزم من تضحية لترسيخ قيم استشهاد الأمام الحسين، التي ترفض بشكل قاطع توظيفها لتخندقات عرقية أو طائفية، مثلما أبت ولا تزال أن تكون ميدانا للمضاربات السياسية، فهي مأثرة آلهية على الأرض، وأن كل من يحب الحسين فعلا، مفروض عليه الالتزام بالحد الأدنى من ثوابته، ولو تقيد الجميع بنسب عشرية من هذه المآثر الخالدة، لما وصلنا الى هذا الحد من التناحر، خاصة وأن الأمام الحسين"ع" هو الباب العالي جدا في خصوصية أخوتنا، وهو نسب عشائرنا كلها. ان الأمام الحسين عليه السلام، هو من بين اسرار عدم جفاف ارحام الخير والكبرياء بين ظهرانينا، و نحن نتباهى بحب الحسين والشوق اليه، ولايساوم على ذلك أحدا، وقد حان وقت السير معا الى الحسين " عليه السلام " لا لزيارته فقط بل لطلب العفو منه ، بعد أن تجاوز كثير منا على سماوية توجهاته وقيمه، فهل من عاقل يعيد تريب الأمور، هذا ما نتمناه في ذكرى استشهادك يا سيدنا جميعا