النبي محمد صلى الله عليه وسلم
غ الأمر خالدا, وأخبره بوفاة أبي بكر, وأخبره
بأن الجند لم تخبر بعد, فقال خالد ( أحسنت فقف) وأخذ الكتاب وجعله مخفيا
حتى لا يشعر به الجنود, فيصيبهم قلق.
[center]كان
القتال عنيفا, وظل على هذه الحال حتى تضعضع الروم وسارع خالد بقلب الجيش,
حتى كان بين خيلهم وجنودهم وكان جنود الروم لا يدري ما العمل, فمكان القتال
واسع للمطاردة, ضيق في الهروب, وهربت خيلهم في الصحراء, وتفرّقت في
البلاد, بينما قضى خالد وجنوده على جنودهم الذين هربوا وتراجعوا الى
خنادقهم, ولكن خالد لم يتركهم فاقتحم عليهم خنادقهم, وبايع عكرمة بن أبي
جهل على الموت مع أربعمائة فارس منهم ضرار بن الأزور وقاتلوا وقتل منهم
رجال فاستشهدوا وجرح آخرون, وانتهت المعركة بالنصر والاستشهاد لثلاثة آلاف
من المسلمين منهم عكرمة وابنه وغيرهم.
وفتحت
الشام, وتحققت المعجزة النبوية الشريفة التي جاءت على لسانه عليه الصلاة
والسلام:" أوتيت مفاتيح الشام" وأبصر المسلمون قصورها الحمر كما أبصرها
الرسول عند الصخرة, أما مفاتيح فارس فلنذهب اليها.
3. مفاتيح فارس
قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس, والله اني
لأبصر قصر المدائن الأبيض من مكاني هذا, وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليهم
فأبشروا بالنصر".
أطلقت
هذه المعجزة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة الخامسة من
الهجرة, وتحققت في سنة ستة عشر للهجرة, أي بعد احدى عشر سنة من قولها عليه
السلام, ولكن كيف حدثت المعجزة العظيمة وهي دخول جيش المسلمين عاصمة أكبر
قوة في العالم وقتها مع الروم الذين هزموا في اليرموك بالشام, انها المدائن
عاصمة كسرى ملك الفرس, وما كان أحد يظن أن يعبر المسلمون أنهارا لكي
يفتحوا المدائن, ولكن عقيدة المسلمين كانت متأكدة من ذلك لقول رسول الله
صلى الله عليه وسلم:" ان أمتي ظاهرة عليهم" وبشرهم بالنصر قائلا:" فأبشروا
بالنصر".
وبدأت
ارهاصات تحقيق هذه المعجزة بعد فتح سعد بن أبي وقاص بلدا يقال لها بهرسير
بالقرب من بغداد, وبعد أن دخل سعد بن أبي وقاص بهرسير طلب السفن ليعبر
بالناس الى المدائن, فلم يقدر على شيء, ووجدهم قد ضموا السفن, فأقام
ببهرسير أياما, حتى جاءه رجال من كفار الفرس, فدلوه على مخاضة يعبر من
خلالها النهر ولكنه أبى وتردد في ذلك.
ورأى
سعد بن أبي وقاص رؤيا أن خيول المسلمين اقتحمتها, فعبرت, فعزم على العبور
لتأويل رؤياه, وجمع الناس وخطب فيهم فقال لهم بعد أن حمد الله وأثنى عليه:
ان عدوكم قد اعتصم منكم في البحر, فلا تخلصون اليه, وهم يصلون اليكم اذا
شاؤوا, فيناوشونكم في سفنهم, وليس وراءكم شيء تخافون منه, وقد رأيت من
الرأي أن تبادروا جهاد العدو بنيتكم قبل أن تحصركم الدنيا, ألا اني قد عزمت
على قطع وعبور هذا البحر اليهم.
فقالوا جميعا: نعبر معك فافعل ما شئت.
فدعا الناس للعبور ثم قال:
من يبدأ منكم ويحمي لنا الشاطئ لكي لا يمنعونا من العبور؟
فخف
اليه وأسرع عاصم بن عمرو وهو بطل من أبطال المسلمين وجاء وراءه ستمائة رجل
من أهل النجدات, فجعل عليهم عاصم أميرا, فسار بهم حتى وقف على شاطئ دجلة.
وعندئذ قال سعد: من يجيء معي لنمنع الشاطئ ونحميه من عدوكم ونحميكم حتى تعبروا؟
فخف
اليه أسرع ستون بطلا, فتقدمهم سعد الى حافة النهر وهو يقول باسما لمن تردد
حوله: أتخافون؟! ثم تلا قول الله عز وجل:{ وما كان لنفس أن تموت الا باذن
الله كتابا مؤجلا} آل عمران 145.
ثم رفع سعد بن أبي وقاص فرسه فاقتحم النهر, واقتحم اخوانه معه.
فلما
رآهم الفرس وما صنعوا, جهزوا للخيل التي تقدمت خيلا مثلها, واقتحموا عليهم
دجلة, ثم اقتربوا من عاصم بعدما اقترب من شاطئهم؛ فقال عاصم لأصحابه:
الرماح الرماح! اشرعوها, واضربوهم من عيونهم, فطعن المسلمون الفرس في
أعينهم, فمن لم يقتل منهم أصيب في عينيه, وتزلزلت بهم خيولهم, حتى فرّت عن
الشاطئ. وصعد الستون على الشاطئ الآخر شاطئ الفرس وتلاحق خلفهم بقية
الستمائة من كتيبة عاصم بن عمرو.
ولما
رأى سعد بن أبي وقاص أن عاصما على الشاطئ قد حماها ومنع الناس من أذى
الفرس أذن للناس في اقتحام النهر وقال: قولوا: نستعين بالله ونتوكل عليه؛
حسبنا الله ونعم الوكيل, ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
وتلاحق
معظم الجند, وركبوا الموج, وقدهاج النهر وماج والناس يتحدثون وهم عائمون
على الخيل لا يكترثون ولا يهتمون بشيء, كما يتحدثون ويتسامرون في مسيرهم
على الأرض وكان سعد بن أبي وقاص وراءهم يسايره في الماء سلمان الفارسي,
فعامت بهم الخيل, وسعد يقول: حسبنا الله ونعم الوكيل! والله لينصرن وليه,
وليظهرن دينه, وليهزمن عدوه.
هذه الكلمات التي قالها الرسول في بشراه المعجزة بأنه أعطي مفاتيح فارس.
ومضى سعد يقول وهو في الماء: وليهزمن الله عدوه, ان لم يكن في الجيش بغي أو ذنوب تغلب الحسنات.
فقال له سلمان الفارسي: ذللت لهم والله البحور كما ذلل لهم البر, أما والذي نفس سلمان بيده ليخرجن منه أفواجا كما دخلوه أفواجا.
وملأ
فرسان المسلمين نهر دجلة خيلا ورجالا حتى ما يرى الماء من الشاطئ أحد, ثم
خرجوا من الماء, والخيل تنفض أعرافها صاهلة بالنصر, فلما رأى الفرس ذلك
انطلقوا لا ينظرون خلفهم فرارا من المسلمين, وظل المسلمون يطاردونهم حتى
وصلوا الى القصر الأبيض في المدائن, وهو قصر ملكهم, وقد وجدوا فيه قوما
وجنودا قد تحصنوا يريدون القتال فعرض عليهم المسلمين ثلاثة حلول, يختارون
منها أيها شاؤوا قالوا: وما هن؟ فقال لهم المسلمون:
1. الاسلام, فان أسلمتم فلكم ما لنا وعليكم ما علينا.
2. الجزية.
3. وان أبيتم فالحرب والقتال.
فقالوا لا حاجة لنا في الأولى ولا في الآخرة ولكن الوسطى وهي الجزية.
ودخل
سعد بن أبي وقاص المدائن, عاصمة كسرى والفرس وآخر معاقلهم, وانتهى به
الأمر الى ايوان كسرى ونظر سعد لضخامته وما فيه من فرش ومجوهرات, وأقبل
ينظر في محتويات الأيوان والقصر وهو يقرأ قول الله تعالى:
{كم تركوا من جنات وعيون* وزروع ومقام كريم* ونعمة كانوا فيها فاكهين* كذلك وأورثناها قوما آخرين} الدخان 25-28.
وصلى
سعد في القصر صلاة الصبح ثماني ركعات, لم يفصل بينهن, واتخذ الايوان مسجدا
وجعله مصلى للمسلمين, وكان فيه تماثيل من الجص, ولم يلقها المسلمون,
وتركوها على حالها, وأتم الصلاة في المدائن, اذ نوى سعد الاقامة بها, وكانت
أول جمعة له فيها في صفر سنة ست عشرة.
وتحقق
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعجزته التي قال فيها:" الله أكبر..
أعطيت مفاتيح فارس والله اني لأبصر قصر المدائن الأبيض من مكاني هذا",
وتحققت المعجزة.
أما صنعاء..
4. أعطيت مفاتيح اليمن
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الله أكبر.. أعطيت مفاتيح اليمن والله اني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا".
رأى
الرسول عليه الصلاة والسلام في ضربته الثالثة أبواب صنعاء من الخندق في
المدينة, وكانت معجزة تحققت في سنة 11 هجرية بعد ست سنوات من قول الرسول.
ولكن كيف تحققت المعجزة؟ هذا ما سنراه في يوم صنعاء.
كانت صنعاء عاصمة اليمن, يحكمها رجل يقال له قيس بن عبد يغوث ويحتلها الفرس.
وكان
"باذان" أميرا من قبل الفرس على اليمن, ولكنه لما أسلم أسلمت اليمن أقره
الرسول صلى الله عليه وسلم على امارة اليمن حتى مات, فلما مات رسول الله
صلى الله عليه وسلم جعل ابنه شهرا واليا على صنعاء, وجعل معاذ بن جبل معلما
ينتقل من كل ولاية من هذه الولايات بعد أن جعل لكل واحدة منها واليا.
وحدث
قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أن قام رجل من قبيلة عنس بن قحطان,
اسمه الأسود العنسي, وكان كاهنا, فتنبأ, وقال: انني أنا نبي, وتابعه قوم من
أعراب اليمن, فقوي واشتد بهم ساعده, واقتحم بهم بلاد نجران في الجزيرة
العربية, وأصبحت نجران تحت قيادته, ودخل في جماعته قبيلة من كهلان تسمى
مذحج, وكثر ماله, واشتد أمره, ثم قصد صنعاء في اليمن, فقاتل أميرها شهرا
كاملا فقتله, وهزم قوما من العجم كانوا فيها يسمون الأبناء, ثم تزوج بامرأة
شهر بن باذان, وجعل أمره يشتهر بين الناس شهرة عظيمة, وصار لا يصل الى قوم
الا انضموا اليه خوفا منه على أنفسهم وأولادهم.
وكتب
آمر الولايات للرسول صلى الله عليه وسلم بشأن الأسود العنسي وما يصنع
بالناس هناك, فأرسل عليه الصلاة والسلام كتابا الى من بصنعاء, يأمرهم فيه
بالقيم على دينهم, والتمسك به, والنهوض الى الحرب, ومواجهة الأسود العنسي
بكل الطرق كي يتخلصوا من شروره.
عمل القوم بأمر رسول الله, ولكنهم وجدوا أن الأمر صعب عليهم, لأن الأسود العنسي قوي ولديه جنود يبطشون بالناس.
وبينما
هم على هذه الحال علموا أن الأسود العنسي قد تغير على قائد جيشه وهو قيس
بن عبد يغوث, وأضمر له الشر, ولكن قيسا دافع عن نفسه أمامه وقال له: أنت
أعظم من نفسي وأجل عندي من أن أحدث نفسي بك, فعفا عنه وقال له: قبلت توبتك.
انتهز
الأبناء من أتباع المسلمين الفرصة ودعوا قيس للفتك به فلبّى ووافق, وذهبوا
الى زوجته التي تزوجها بعد قتل زوجها شهر بن باذان, فتعاونت معهم وقالت:
والله ما خلق الله شخصا أبغض اليّ منه, ما يقوم لله على حق ويظلم الناس,
فاذا عزمتهم فأعلموني الخبر.
ولما
جاء كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهم, ووصل كتابه الى أهل نجران,
فتجمعوا وأرادوا قتال الأسود العنسي, ولكنهم فوجؤا بقتله في قصره بمساعدة
زوجته, وما ان طلع الفجرحتى أعلنوا أمرهم, وفرّ أصحابه, وجعلوا يترددون بين
صنعاء ونجران, وذهب الخبر الى المدينة, وقد توفي رسول الله, ورغم أن قيس
بن عبد يغوث رشيس جند السود العنسي ساهم في قتله, الا أنه عاد الى الارتداد
عن الاسلام, وجمع جنود الأسود العنسي الهاربين, وأراد أن يقتل رؤساء
الأبناء المسلمين, ولكنه لم يستطع, وسيطر على صنعاء, وطرد من هم أتباع
المسلمين من العجم.
وانضمت اليه عوام القبائل من منطقة حمير, واطمأن بصنعاء كما كان الأسود العنسي مطمئنا بها.
ولكن
الأبناء من العجم المسلمين, استنهضوا أنفسهم, والقبائل التي بقيت على
الاسلام, وخرج فيروز على رأسهم, فحارب قيسا عند صنعاء وأجلاه عنها, وخرج
هاربا في جنده حتى وصل الى المكان الذي قتل فيه الأسود العنسي, وجاء جيش
المسلمين من المدينة بقيادة المهاجر بن أمية, وخلفه عكرمة بن أبي جهل بجيشه
أيضا وهزم الله المرتدين, وأسر قيس وعمرو بن معد يكرب وأخذهما المسلمين
الى المدينة فتابا وعفا عنهما أبو بكر وعادا الى قومهما مؤمنين, وأعطى الله
مفاتيح اليمن للمسلمين وتحققت المعجزة التي نبأ بها رسول الله صلى الله
عليه وسلم.
معجزات الطعام والشراب
1. قدح اللبن وأبوهريرة
كان
أبوهريرة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من أهل الصفّة وهم فقراء
ليس لهم مال ولا أهل ولاجاه, ويحكي أبو هريرة هذه المعجزة فيقول: والله
اني كنت أشعر بالجوع الشديد, وكنت أضع الحجر على بطني من الجوع, ولقد قعدت
يوما على طريقهم الذي يخرجون منه فمّر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله
عز وجل, وما سألته الا ليطلب مني أن أتبعه الى داره فيطعمني, فلم يفعل أبو
بكر, فمرّ عمر رضي الله عنه فسألته عن آية من كتاب الله تعالى وما سألته
الا ليطلب مني أن أتبعه الى داره فيطعمني, فلم يفعل, ومرّ الرسول عليه
الصلاة والسلام, فعرف ما في وجهي, وتبين له ما في نفسي فقال:" يا أبا
هريرة" قلت: لبيك يا رسول الله فقال:" الحق" فلحقت به وعند داره استأذنت
فأذن فوجدت لبنا في قدح, فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: من أين لكم هذا
اللبن؟
فقالوا: أهداه لنا فلان أو آل فلان, قال الرسول ينادي أبا هريرة: "أبا هرّ".
قلت لبيك يا رسول الله.
قال:"انطلق الى أهل الصفة فادعهم لي".
فقال
أبو هريرة: وأهل الصفة هم أضياف الاسلام لم يأووا الى أهل, ولا مال, فاذا
جاءت هدية الى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ منها وبعث اليهم منها,
وأحزنني ذلك وكنت أرجو أن أشرب من اللبن على الفور شربة أتقوى بها بقية
يومي وليلتي, وقلت: أنا الرسول المرسل اليهم من الرسول صلى الله عليه وسلم
فاذا جاء القوم كنت أنا الذي أعطيهم, وقلت ما يبقى من هذا اللبن بعد أن
يشربوا معظمه ان لم يكن كله؟
هكذا
كان الجوع يتملك من أبي هريرةحتى انه خشي ان لا يجد من قدح اللبن هذا ما
يكفيه شربة واحدة اذ سيشاركه فيه أهل الصفة وهوعدد لا بأس به.
قال
أبو هريرة: ولم يكن أمامي شيء غير طاعة الله ورسوله, فانطلقت الى أهل
الصفّة فدعوتهم فأقبلوا واستأذنوا فأخذوا مجالسهم من البيت, بيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم.
فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا أبا هريرة خذ قدح اللبن فأعطهم" فأخذت
القدح فجعلت أعطيهم فيأخذ الرجل القدح فيشرب حتى يروى, ثم يرد القدح بعد أن
يروى حتى وصلت الى آخرهم, ثم توجهت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ودفعت اليه فأخذ قدح اللبن بيده وقد بقي قليل من فضلة, ثم رفع رسول الله
صلى الله عليه وسلم رأسه ونظر الى أبي هريرة وابتسم, وقال: "أبا هريرة".
فقال أبوهريرة: لبيك يا رسول الله.
قال عليه الصلاة والسلام: "بقيت أنا وأنت".
فقال أبو هريرة: صدقت يا رسول الله.
قال عليه الصلاة والسلام:"فاقعد واشرب".
جلس
أبو هريرة وأمسك بقدح اللبن, فشرب, ولما رفع أبو هريرة القدح عن فمه قال
له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اشرب" فيشرب أبو هريرة وكلما رفع القدح
أعاده له رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا:" اشرب" وظل يقول له:" اشرب
اشرب" حتى ارتوى أبو هريرة رضي الله عنه تماما وذهب عن نفسه الجوع الذي
أصابه بألم شديد في أمعائه وقال له رسول الله صلى الله غليه وسلم:" اشرب يا
أبا هريرة" فقال أبو هريرة: لا والذي بعثك بالحق ما أجد له فيّ مسلكا,
قال:" ناولوني القدح".
فأعطى
أبو هريرة القدح لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وهي آية النبوة المحمدية,
اذ أن قدحا من اللبن لا يكاد يروي رجلا أو غلاما صغيرا, أصبح في يد رسول
الله صلى الله عليه وسلم يروي جماعة من الناس كلهم أصابهم الجوع.
انها معجزة من معجزاته صلى الله عليه وسلم, ثم يأتي الأدب النبوي فينتظر صلواته وسلامه عليه أن يشرب الجميع فيشرب هو من القدح.
2. اناء السمن يمتلئ بعد فراغه
كان
أنس بن مالك خادما مطيعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت أمه أم سليم
رضوان الله عليها صحابية قريبة من بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تأخذ
منه الطعام ان كان في وفرة وان توفر لها ترسل هذا الطعام الى بيت رسول
الله.
ويحكي
أنس بن مالك قصة بل هي معجزة حسية رآها بنفسه فقال: كانت لأمي أم سليم شاة
فظلت تحلبها وتجمع منها السمن حتى جمعت من سمنها عكة أو اناء فملأت الاناء
ثم بعثت به ربيبة لها أو خادمة فقالت: يا ربيبة اذهبي الى رسول الله صلى
الله عليه وسلم بهذا الاناء أو هذه العكة يأكل منها, فانطلقت بها ربيبة حتى
أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هذه العكة أو هذا
الاناء مليء بالسمن بعثت بها اليك أم سليم.
فقال
عليه الصلاة والسلام: "افرغوا لها عكتها" أي أفرغوا هذا الاناء, فأفرغت
العكة من السمن, وأعيدت الى ربيبة فارغة فانطلقت بها عائدة الى دار أم سليم
ولم تكن أم سليم في دارها, فعلقت ربيبة الاناء أو الكعة في وتد في الحائط
ولما جاءت أم سليم وجدت العكة أو الاناء قد امتلأت الى آخرها وبدأت تقطر
بالسمن الذي فاض منها فقالت أم سليم: يا ربيبة أليس أمرتك أن تنطلقي بها
الى رسول الله؟ ألم أقل لك اذهبي بها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قالت ربيبة: بلى فعلت وان لم تصدّقيني فسلي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
استغربت
أم سليم الأمر, واصطحبت ربيبة معها وانطلقت الى رسول الله صلى الله عليه
وسلم حيث يجلس, ولما بلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله
اني بعثت مع ربيبة عكة مملوءة بالسمن فهل جاءت بها؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الفور:" قد فعلت قد جاءت".
قالت أم سليم: والذي بعثك بالحق, ودين الحق انها ممتلئة بالسمن والسمن يقطر منها.
فقال
أنس بن مالك صاحب الرواية: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا أم
سليم أتعجبين ان كان الله أطعمك كما أطعمت نبيه, كلي وأطعمي".
عادت أم سليم الى دارها, فقسّمت الاناء حتى لا يقطر سمنا وتركت فيه ما أكل منه دارها شهرا أو شهرين.
وهذه
معجزة أخرى من المعجزات المحمدية, لأنها لم تحدث للبشر كما حدثت لرسول
الله صلى الله عليه وسلم. الاناء يمتلئ سمنا بعد افراغه ويبارك الله فيه.
3. الطعام القليل يشبع الكثير من الناس
كان
أبو طلحة الأنصاري من أكثر الصحابة حظا في اسلامه, فتزوج مسلمة سبقته في
الاسلام, ودعته للزواج منها وكان مهر أم سليم من أغلى المهور لو علم الناس
قيمته, اذ أنه تقدم للزواج من أم سليم ولم يدخل الاسلام بعد, فقالت أم
سليم: مهري اسلامك, أي دخولك في الاسلام. وأسلم أبو طلحة ودخل الاسلام وحسن
اسلامه وتزوج أم سليم وأحسن معاشرتها ومعاملتها فعاشا في هناء في ظل
ازدهار دعوة الحق في المدينة, ويروي أنس بن مالك رضي الله عنه قصة جميلة هي
بحق معجزة من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أنس: قال أبو طلحة لأم سليم: لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفا أعرف فيه الجوع, فهل عندك شيء؟
لقد أحس أبو طلحة أن الرسول صلى الله عليه وسلم جائع وعرف ذلك من صوته.
قالت
أم سليم: نعم. وبدأت تعد أقراصا من خ الشعير ثم لفت الخ ساخنا في خمار
لها, لعد أم لفت الخ ببعضه ثم أعطت أم سليم الخ لأنس خادم النبي صلى الله
عليه وسلم وأرسلته به الى النبي عليه الصلاة والسلام.
ذهب أنس بن مالك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ومعه الناس, فلما دخل أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أرسلك أبو طلحة؟
فقال أنس: نعم يا رسول الله.
فقال عليه السلام لمن معه من الناس:" قوموا" وانطلق رسول الله مع أصحابه الى دار أبي طلحة الأنصاري, فلما رآهم أبو طلحة قال:
يا
أم سليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليس عندنا ما نطعمهم
فقالت: الله ورسوله أعلم, فلما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"
هلمّ يا أم سليم ما عندك؟" فأتت بذلك الخ, فأمر رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن يفتت الخ, ففتت أم سليم الخ في عكة ووضعت عليه السمن ثم قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما شاء أن يقول ثم قال:
"ائذن لعشرة" أي عشرة رجال.
فأذن لعشرة من الرجال فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا.
ثم قال:" ائذن لعشرة".
فأذن لعشرة من الرجال فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا.
ثم قال:" ائذن لعشرة".
فأذن لعشرة من الرجال فأكلوا حتى شبعوا, وظل على هذه الحال حتى أكل القوم جميعا, وكانوا سبعين أو ثمانين رجلا.
أليست هذه معجزة عظيمة من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم؟
بلى
وربي انها معجزة عظيمة بحق, فمن عدد قليل من الخ يطعم ثمانون رجلا ويشبع
كل واحد منهم شبعا كاملا, هكذا كانت معجزات النبي صلى الله عليه وسلم واحدة
تلو الأخرى.
من حديث أنس في صحيح البخاري.
4. كثرة الطعام
تكررت
وتعددت معجزات تكثير الطعام والشراب, فبلغت عشرات المرات, في ظروف مختلفة
ومواقف مختلفة, ومناسبات عديدة لكل مناسبة وقتها وظروفها. ومما روى أبو
هريرة عن شيء من هذه المعجزات, ما حدث في تبوك, وغزوة تبوك كلنا يعرف أنها
كانت مشقة وعسرة, فقد خرج الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون في جو شديد
الحر, ومشوا في طريق وعر بين الجبال والصخور, حتى انه صلوات الله وسلامه
عليه كان لا يجد ما يكفي من الابل ما يحمل عليه رجاله وجنوده, ورغم تبرّع
عثمان بن عفان وأهل الخير والكرم من المسلمين الا أن ذخيرة الجيش الاسلامي
وزاده من الطعام كانت قليلة لأبعد حد يتخيّله الانسان.
فقد
قال أبو هريرة: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها (وهي
غزوة تبوك) فنفذ زاد المسلمين واحتاجوا الى الطعام, ولم يكن أمامم سوى
الابل والجمال التي يركبوها, فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في
نحر الابل وذبحها ليأكلوا منها, فأذن لهم صلى الله عليه وسلم, لما وجدهم في
حاجة شديدة الى الطعام.
وقد
بلغ هذا الخبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاعترض على هذا الأمر لما فيه
من أذى للمسلمين ولعلمه بوعورة الطريق وبعده عن المدينة مما يجعل العودة
شاقة بل مستحيلة وتعرّض المسلمين وحياتهم للخطر لو قطعوا هذه المسافة مشيا
على الأقدام بعد قتال وجهاد ضد الكفار في تبوك.
فجاء عمر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ابلهم التي تحملهم وتبلغهم عدوهم ينحرونها؟
أي
أن هذا الأمر يحتاج الى اعادة النظر, ووضع عمر رضي الله عنه حلا أمام رسول
الله وقال: ادع الله على بقايا الطعام, ادع الله عز وجل فيها بالبركة.
فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أجل يا عمر" ودعا ببقايا الطعام فجاء
الناس بما بقي معهم فجمعت ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن
يبارك فيها ودعاهم بأوعيتهم فملأوها اد وطعام كثير فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم:" أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أني عبدالله ورسوله ومن لقي
الله عز وجل بها غير شاك دخل الجنة".
وهكذا كانت معجزات تكثير الطعام متوالية تأتي متكررة في مناسبات عدة.
5. نعجة أم معبد
خرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرا من مكة الى المدينة, بعدما أذن الله
سبحانه وتعالى له بالهجرة, فلما قال الرسول لأبي بكر رضي الله عنه في
داره:" ان الله قد أذن لي في الخروج والهجرة" قال أبو بكر ( الصحبة يا رسول
الله) فقال عليه الصلاة والسلام:" الصحبة" خرج الرسول من خوخة في بيت ظهر
أبي بكر الى أن وصلا غار ثور وأمر أبو بكر ابنه عبدالله أن يتسمع لهما ما
يقول الناس فيهما نهارا ثم يأتيهما مساء بما كان في ذلك اليوم من الخبر,
كما أمر أبو بكر عامر بن فهيرة مولى أبي بكر وراعي غنمه أن يرعى غنمه نهارا
ثم يريحها عليهما مساء, ليسقيهما من لبنها, واذا جاءهما عبدالله أو أخته
أسماء بطعام اتبع عامر بن فهيرة أثرهما بالغنم حتى يختفي أثرهما ولا
يتبعهما أحد فيعرف مكان الرسول وأبو بكر الصديق في الغار, غار ثور.
وأقام
الرسول صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر ثلاثة أيام, وطلبهما المشركون طوال
ثلاثة الأيام, ولما مضت ثلاثة أيام, وسكن الناس عنهما, ويأسوا من العثور
عليهما, أتاهما عبدالله بن أريقط الذي استأجراه بالراحلتين, فقدم أبو بكر
لرسول الله صلى الله عليه وسلم أفضلهما, وقال: ( اركب فداك أبي وأمي), ومضى
الصديقان الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصدّيق رضي الله عنه في
طريقهما المبارك الى المدينة.
وفي
الطريق مروا بخيمة أم معبد, وهي عاتكة بنت خالد من قبيلة خزاعة. مر الرسول
صلى الله عليه وسلم على خيمتها ومعه أبو بكر, وكانت امرأة تجلس في خيمتها,
تختبئ في قبة الخيمة, ثم تسقي وتطعم المارّة, فسالها الرسول وصاحبه لحما
وتمرا يشترونه منها, فلم يجدا عندها شيئا, وكان الرسول وصاحبه يشعران بجوع
شديد فنظر الرسول صلى الله عليه وسلم فوجد شاة بالقرب من الخيمة, فقال عليه
السلام:" ما هذه الشاة يا أم معبد؟" قالت: شاة أو نعجة خلفها الجهد والمرض
عن الغنم, فقال:" هل بها لبن" قالت: هي أضعف من أن تدر لبنا.
قال عليه الصلاة والسلام:" أتأذنين لي أن احلبها؟".
قالت متعجبة: بأبي أنت وأمي! ان رأيت بها حلبا فاحلبها.
فدعا
بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح بيده على ضرعها, فسمّى الله تعالى,
ودعا لها في شأنها, فامتلأ ضرعها ودرّت واجترّت, وطلب الرسول صلى الله
عليه وسلم باناء يشرب فيه هو وأصحابه, فحلب فيه حتى امتلأ عن آخره, فشرب
الجميع حتى أم معبد, وشرب الرسول وأصحابه من اللبن حتى رووا, ثم استراحوا
وشربوا لبنا أيضا, ثم حلب الرسول في الاناء مرة أخرى حتى ملأه عن آخره,
وتركه مليئا باللبن عندها, وقبل أن يغادر المكان عليه السلام, بايعها على
الاسلام.
هكذا
كانت شاة أم معبد الضعيفة المجهدة معجزة لأنها سقت كل هذا الجمع بعد أم
مسح عليه السلام على ضرعها ودعا ربه فسقى أصحابه وشرب هو وترك عندها لبنا.
ولما جاء زوجها يسوق أغناما عجافا ضعيفة, رأى عندها لبنا فتعجّب وقال: من أين لك هذا يا أم معبد, والشاة عا حيال, ولا حلوب في البيت؟
قال: لا والله, الا أنه مرّ بنا رجل مبارك, من حاله كذا وكذا.
فقال زوجها: صفيه يا أم معبد, فوصفته له وصفا دقيقا في كلام طويل.
قال أبو معبد: هذا والله صاحب قريش, الذي ذكر لنا من أمره في مكة.
هكذا كانت معجزاته في الطعام والشراب صلى الله عليه وسلم.
سدرة المنتهى
قال
تعالى:{ ثم دنا فتدلى* فكان قاب قوسين أو أدنى* فأوحى الى عبده ما أوحى*
ما كذب الفؤاد ما رأى* أفتمارونه على ما يرى* ولقد رءاه نزلة أخرى* عند
سدرة المنتهى* عندها جنة المأوى* اذ يغشى السدرة ما يغشى* ما زاغ البصر وما
طغى* لقد رأى من آيات ربه الكبرى}. النجم 8-18.
1. السدرة
السدرة
هي شجرة نبق عظيمة هائلة, لم تكن على الأرض ولكنها كانت في السماء, بعد
السماء السابعة, وهي أكبر من أي شجرة ضخمة رأيتها في الدنيا ملايين المرات,
والسدرة شجرة ينتهي اليها كل ما يصعد على الأرض من أعمال الناس والأرواح,
ثم يقبض أو يؤخذ من عندها, وينتهي اليها كل ما يهبط من أعلى فيؤخذ منها.
بعد
أن عرفنا السدرة, وعرفنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد رأى في رحلة
الاسراء ما رأى في السماء السابعة, بعد هذا كله صعد به جبريل الى ما بعد
السماء السابعة, صعد به الى معجزة عظيمة, اتجه الى سدرة المنتهى, وقبل أن
يصل رسول الله صلى الله عليه وسلم الى السدرة رأى نهرا صافيا جميلا نصبت
عليه خيام مرصّعة باللؤلؤ والياقوت وعلى حافتيه طيور جميلة خضراء عليها
نضرة النعيم, فقال عليه الصلاة والسلام:
"يا جبريل ان هذا الطير لناعم".
قال جبريل: يا محمد ان الذي يأكل هذا الطير أنعم منه.
ثم قال جبريل: يا محمد؛ أتدري أي نهر هذا؟
فقال عليه الصلاة والسلام: "لا".
قال جبريل: هذا نهر الكوثر الذي أعطاك الله اياه.
ثم
رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم نهرا آخر يسمى نهر الرحمة فاغتسل فيه,
فغفر الله له ما تقدم من ذنبه, وما تأخر؛ ثم رفع رسول الله صلى الله عليه
وسلم الى الجنة, ورأى الرسول صلى الله عليه وسلم بها أنهارا من ماء صاف
جميل, وأنهارا من لبن لم يتغير طعمه, وأنهارا من عسل مصفى.
وقال عليه الصلاة والسلام:" ان الله تعالى أعدّ لعباده الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر".
وخرج
النبي عليه الصلاة والسلام من الجنة, فلقيه ملك, فرحّب به كما رحّبت به
الملائكة من قبل, ولكنه كان عابسا لم يبتسم له كما ابتسمت الملائكة, فعجب
عليه السلام وقال:
" يا جبريل من هذا الملك, الذي قال لي مثل ما قالت الملائكة, ولم يضحك, ولم أر منه من البشر مثل الذي رأيت منهم".
فقال جبريل: هذا مالك خازن النار.. أما انه لو ضحك الى أحد من قبلك, أو كان ضاحكا الى أحد من بعدك لضحك اليك, ولكنه لا يضحك.
فقال عليه السلام لجبريل:" ألا تأمره أن يريني النار؟"
فقال جبريل: بلى.
ثم نادى جبريل مالكا فقال له: أر محمد النار.
فكشف
مالك عن النار غطاءها ففارت.. وارتفعت, حتى ظن الرسول أنها ستأتي على كل
ما يرى, فيها غضب الله ونقمته, لو وضعت فيها الحديد والحجارة لأكلتها.
فقال عليه الصلاة والسلام:" يا جبريل مره ليردّها الى مكانها" فأمر جبريل عليه السلام مالكا أن يردها.
فقال مالك للنار: أخبي فرجعت النار الى مكانها الذي خرجت منه, وردّ عليها غطاءها.
ومالك: هو رئيس الملائكة القائمين على النار والعذاب يوم القيامة وقد ذكر اسمه في القرآن لقوله تعالى:
{ ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك, قال انكم ماكثون} الزخرف 77.
وقد مرت برسول الله صلى الله ليه وسلم رائحة طيبة فقال لجبريل:
" ما هذه الرائحة".
قال
جبريل: هذه رائحة ماشطة بنت فرعون وأولادها!! كان من أخبارها في الدنيا أن
سقط من يدها المشط الذي تمشط به شعر بنت فرعون فمالت على المشط وأخذته
وقالت: باسم الله..
فقالت بنت فرعون: من الله هذا؟ أهو أبي فرعون؟
قالت الماشطة: لا.. انه ربي, وربك, ورب أبيك.
قالت بنت فرعون: أولك رب غير أبي فرعون؟!
قالت الماشطة: نعم, ربي, وربك ورب أبيك.. الله عز وجل.
وبلغ الخبر فرعون, فدعاها, فقال لها: ألا رب غيري؟!
قالت:
نعم.. ربي وربك الله عز وجل, فغضب فرعون, وأمر بنار عظيمة, فأوقدت, فألقى
فيها أولادها ما عدا طفلا رضيعا, فأمرها فرعون, أن تقذف بنفسها في النار,
فتقاعست قليلا من أجل ولدها الرضيع, فناداها الرضيع قائلا: يا أمّه! قعي
ولا تقاعسي فانك على الحق, أي أدخلي ولا تخافي.. فانطلقت الماشطة الأم الى
النار فأحرقتها, وتلك الرائحة الطيّبة رائحتها في الآخرة.
ووصل
الرسول صلى الله عليه وسلم سدرة المنتهى, فاذا به يرى مفاجأة, فقد رأى
جبريل على حقيقته, رأى السدرة وقد ملأها من نور الله الخلاق عز وجل ما يحير
العقل ويدهشه من العجب والجمال..
وسمع من جبريل عليه السلام مفاجأة, قال له جبريل:
يا محمد, في مثل هذا المقام يترك الصاحب الى صاحبه؛ الخليل الى خليله, والحبيب الى حبيبه.
قال
جبريل: الى هنا ينتهي عروجي, لا أستطيع التقدم ولو تقدمت بعد ذلك قيد شعرة
لاحترقت, فتقدم أنت الى خليلك وحبيبك, فما منّا الا له مقام معلوم.
ووجد
الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه يسمو في عالم النور القدسي حتى صار من
الله الخلاق عز وجل كما جاء في القرآن الكريم قريبا جدا, قال عز وجل:
{ ثم دنا فتدلى* فكان قاب قوسين أو أدنى}.
ولما اقترب الرسول صلى الله عليه وسلم من الله عز وجل فكلمه الله عند ذلك فقال له: سل..
فقال
محمد صلى الله عليه وسلم:" انك اتخذت ابراهيم خليلا, وكلمت موسى تكليما,
وأعطيت داود ملكا عظيما, وألنت له الحديد وسخرت له الجبال. وأعطيت سليمان
ملكا, وسخرت له الجن والانس والشياطين, وسخرت له الرياح, وجعلت له ملكا لا
ينبغي لأحد من بعده.
علمت
عيسى التوراة والانجيل, وجعلته يبرئ الأكمه والأبرص, ويحيى الموتى باذنك,
وأعذته وأمه من الشيطان الرجيم, فلم يكن للشيطان عليهما سبيل".
فقال
له الرب عز وجل:" وقد اتخذتك خليلا, وأرسلتك للناس كافة وبشيرا ونذيرا,
وشرحت لك صدرك, ووضعت عنك وزرك الذي أنقض ظهرك.. وجعلت أمتك خير أمة أخرجت
للناس وأعطيتك سبعا من المثاني لم يعطها نبي قبلك, وأعطيتك نهر الكوثر,
واعطيتك ثمانية أسهم هي: الاسلام, والهجرة, والجهاد, والصلاة, والصدقة,
وصوم رمضان, والأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, وجعلتك فاتحا, وخاتما
للمرسلين.
فكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم:" فضلني ربي بست: أعطاني فواتح الكلام
وخواتيمه, وجوامع الحديث, وأرسلني الى الناس كافة بشيرا ونذيرا, وقذف في
قلوب أعدائي الرعب من مسيرة شهر, وأحلت لي الغنائم, ولم تحل لأحد قبلي,
وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا".
ومن
خلال هذه المعجزة العظيمة الصعود الى السماء والوصول الى سدرة المنتهى,
فرض الله سبحانه حينئذ على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى أمته خمسين صلاة
في اليوم والليلة, ولما أوحى الله الى عبده ما أوحى رجع فلقيه موسى عليه
السلام حيث هو في السماء السادسة فقال: بم أمرت يا محمد؟
قال عليه الصلاة والسلام:" بخمسين صلاة".
قال موسى: ارجع الى ربك فاسأله التخفيف. فقد لقيت من بني اسرائيل شدّة.
فرجع
رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ربه عز وجل وسأله التخفيف فوضع عنه
عشرا, أي خفف الخمسين الى أربعين ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: بكم أمرت؟
قال عليه الصلاة والسلام:" بأربعين صلاة".
قال
موسى: فارجع الى ربك فاسأله التخفيف فقد لقيت من بني اسرائيل شدة, وتعلا,
فرجع الرسول صلى الله عليه وسلم الى ربه عز وجل فسأله التخفيف, فخفف عنه
عشرا, فرجع الى موسى, وظل يرجع الرسول صلى الله عليه وسلم ويسأله التخفيف
حتى أصبحت خمس صلوات في اليوم والليلة... فقال له موسى: ارجع الى ربك
فاساله التخفيف, فقد لقيت من بني اسرائيل شدّة..
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:" قد رجعت الى ربي حتى استحييت, فما أنا براجع اليه".
وكان
الرسول صلى الله عليه وسلم قد رجع الى ربه فخفف الى الثلاثين والعشرين
والعشر صلوات في اليوم والليلة حت وصل الى خمس صلوات في اليوم والليلة, وما
ان قال:" استحييت, فما أنا براجع اليه" حتى سمع عليه السلام مناديا يقوا:
أما انك كما صبّرت نفسك على خمس صلوات فانهن يجزين عنك خمسين صلاة, فان كل
حسنة بعشرة أمثالها, فرضي محمد صلى الله عليه وسلم كل الرضا.
2. العودة الى مكة
عاد
الرسول صلى الله عليه وسلم من فوق السماء السابعة فعاد حتى هبط الى السماء
الدنيا, فنظر الى أسفل منه, فرأى وهجا ودخانا وسمع أصواتا, فقال عليه
السلام:" من هؤلاء يا جبريل؟"
قال جبريل: هذه الشياطين تحوم على قلوب بني آدم كي لا يتفكروا في ملكوت السموات والأرض, ولولا ذلك لرأوا العجائب..
وظلّ
الرسول صلى الله عليه وسلم يهبط الى الأرض حتى بلغ بيت المقدس, فوجد
الأنبياء مجتمعين فيه ينتظرون الصلاة فحيّاهم عليه الصلاة والسلام فحيّوه,
ولما حانت الصلاة قام النبيون لأدائها, فجاء جبريل, أخذ بيد النبي صلى الله
عليه وسلم الى موقف الامام, وأشار اليه أن يصلي بهم فصلى بهم... والغالب
أنها كانت صلاة الصبح, وفي امامته عليه الصلاة والسلام للأنبياء تشريف له
عليه الصلاة والسلام واعلاء لقدره على سائر الأنبياء.
ثم
ركب الرسول عليه الصلاة والسلام البراق بعد أن خرج من بيت المقدس, فركب
البراق وعاد الى مكة والناس نيام فلما أصبح الصبح, وصحت مكة, وعلت الشمس,
شمس الضحى, أخبر عليه السلام الناس بما حدث معه, وأول من رآه أبو جهل, وكان
كثيرا ما يستهزئ بالنبي صلى الله عليه وسلم, فجاءه أبو جهل وقال له
مستهزئا: أراك ممعنا في تفكير عميق, فهل حدث لك شيئ جديد؟
قال رسول صلى الله عليه وسلم:"نعم".
قال أبو جهل: وما هو؟
فقال عليه السلام:" انني أسري بي الليلة" أي انتقلت وسافرت.
قال أبو جهل: الى أين؟!
فقال عليه الصلاة والسلام:" الى بيت المقدس".
ففتح أبو جهل فمه من الدهشة وقال: ثم عدت الينا؟!
فقال عليه الصلاة والسلام في ثقة واطمئنان: "نعم"
كان
أبو جهل يسخر من الرسول صلى الله عليه وسلم, ويقول: هذا يزعم أنه يكلم من
السماء.. وكان هو وجماعته قد أكثروا من ترديد هذا الكلام حتى نسوه لفترة
فلما سمع أبو جهل أن الرسول قد سافر ليلا من مكة الى بيت المقدس, والعكس في
الليلة نفسها مع أنهم يسافرون لها في شهر, أراد أبو جهل أن يستغل هذه
المعجزة التي لم يصدقها للسخرية من محمد, والاساءة له أمام الناس, كي
ينصرفوا عنه اذ أنه يقول ما لا تقبله العقول..
ظنّ
أبو جهل أنه بامكانه أن يكذب الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه يقول أشياء
لا يقبلها عقله هو, وأراد أن يجمع الناس لأنه يتوقع أن يتراجع محمد صلى
الله عليه وسلم عما قاله والذي لا يصدقه, ولما خاف أن ينكر محمد صلى الله
عليه وسلم ما قاله امام الناس قال له: أرأيت يا محمد ان أنا دعوت قومك
اتحدثهم بما حدثتني به؟ أتقول لهم ما قلت لي؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" نعم".
فنادى أبو جهل بأعلى صوته: يا معشر كعب بن لؤي.
فجاء الناس اليه, فقال أبو جهل للرسول صلى الله عليه وسلم: حدّث قومك بما حدثتني به.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" اني أسري بي الليلة".
فقالوا: الى أين؟
فقال عليه الصلاة والسلام:" الى بيت المقدس".
فقالوا: ثم أصبحت الآن بيننا بعد كل هذا السفر؟!!
قال عليه الصلاة والسلام:" نعم".
وهنا هاج القوم, وصاروا يضربون كفا على كف, ويضع بعضهم يده على رأسه عجبا لكذب محمد صلى الله عليه وسلم كما يظن ويدّعي.
وصاروا
يكذبون رسول الله صلى الله عليه وسلم, حتى قال له رجل منهم اسمه المطعم بن
عدي: والله يا محمد لقد كان أمرك فيما مضى أمرا هيّنا, أما اليوم فقد
أمعنت في الكذب بما لا تصدقه العقول.. اننا نركب الابل الى بيت المقدس فنظل
شهرا في الذهاب وشهرا في العودة ثم تزعم أنك سافرت هذا السفر في ليلة
واحدة؟ واللات والعزى لا أصدقك, وما كان هذا الذي تقوله يحدث أبدا..!!
وقال بعضهم في استهزاء: وماذا رأيت في بيت المقدس؟
فقال عليه السلام:" قابلت عددا من الأنبياء منهم ابراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام وصلّيت بهم وكلمتهم".
وكذب
الكفار الرسول صلى الله عليه وسلم وسخروا منه, وقالوا: لو أن أبا بكر سمع
صاحبه محمدا يقول ما يقول اليوم لكذبه, ولانصرف عنه, وكف عن مناصرته
وتأييده؛ واذ انصرف عنه, وكف عن مناصرته, انصرف الكثيرون معه عن محمد,
فيهون شأنه ويضعف أمره, فجرى أحدهم يبحث عن أبي بكر في كل مكان حتى وجده في
أحد مجالس قريش, فقال له هل سمعت ما يقول صاحبك يا أبا بكر؟
فقال أبو بكر: وما ذاك الذي يقول صاحبي؟
قال الرجل: يزعم أنه أسري به الليلة الى بيت المقدس, ثم أصبح بيننا!!
فقال أبو بكر: أوقد قال ذلك؟
قال الرجل: نعم واللات والعزى لقد قال ذلك.
قال أبو بكر: لئن كان قد قال ذلك فوالله لقد صدق.
فقال الرجل في عجب ودهشة: أتصدقه أنه ذهب الى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح.
قال
أبو بكر: نعم اني أصدقه حتى لو قال أبعد من ذلك. أصدقه أن الخبر يأتيه من
السماء في ساعة من ليل أو نهار. أفلا أصدقه فيما هو أقل من ذلك عجبا؟!!!
وقام
أبو بكر والرجل وبعض من كانوا معه, وذهبوا الى حيث يجلس رسول الله صلى
الله عليه وسلم ويتحدث عن الاسراء, فلما وصلوا الى هناك سمعوا المطعم بن
عدي يقول: يا محمد: ان كنت ذهبت الليلة الى بيت المقدس ودخلته وصليت فيه,
فلا بدّ أنك شاهدته, وعرفت معالمه: من أبواب وجدران وغيرها, فصفه لنا..
ثم أضاف المطعم بن عدي قائلا:
اننا نعرف أنك لم تذهب قبل هذه الليلة الى بيت المقدس, فاذا وصفته لنا الآن كان ذلك دليلا قاطعا على أنك زرته الليلة!!!.
وهنا
أحس رسول الله صلى الله عليه وسلم في حيرة شديدة تعتريه, وأن كربا أو غما
لا مثيل له يستولي عليه.. انه لم يذهب الى بيت المقدس قبل هذه الليلة وحين
ذهب اليها في اسرائه كان في شغل بما أنعم الله عليه من ايمان وآيات كبرى.
لم يهتم بتأمل الحوائط والنوافذ والأبواب وغير ذلك من الأشياء البسيطة, كيف
يعي لذلك ومعه البراق, وهو معجزة وعجب عجاب, وكان معه جبريل وهو رسول رب
العالمين اليه, والوقت غير مناسب لأن ينشغل الرسول صلى الله عليه وسلم أو
ينشغل ضميره بالمباني وغيرها من هذه الأشياء. فقد رأى من آيات ربه ما رأى,
انشغل بكل هذه الآيات, وعاد من السماء السابعة الى الأولى, وهبط من الأولى
الى أرض بيت المقدس كل هذه المعجزات الكبرى لم تجعله يلتفت الى شيء من هذا
القبيل حوله.
والأهم من ذلك أنه عليه السلام قد عجز ولم يجد ما يجيب به على سؤالهم.
ولما
رأى هؤلاء الكفار أنه عليه السلام سكت ولم يجب, استعدوا للسخرية والتكذيب,
وكان أبو بكر الصديق قد ذهب الى بيت المقدس كثيرا وله دراية به.. وكان الى
جانب ذلك لا يشك في صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأنه عليه السلام
قد زار حقا في تلك الليلة بيت المقدس, ولا جدال في ذلك.
فلما
رأى أبو بكر توقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاجابة, ورأى القوم
يوشكون أن يرفعوا أصواتهم بالسخرية والاستهزاء والتكذيب, قال أبو بكر
للرسول صلى الله عليه وسلم: صفه لي يا رسول الله, فاني قد جئته وزرته عدة
مرّات.
وقد رغب ابو بكر من هذا أن يقطع ألسنتهم ويمنعهم من السخرية, وأن يأتي بالدليل على صدق اسرائه.
وعند
ذلك حدثت المعجزة, وأراد الله أن ينصر نبيه صلى الله عليه وسلم, فرفع بيت
المقدس وجعله في بصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبصيرته, فظهر له بيت
المقدس واضحا وجليّا, فقال عليه السلام: باب منه مكانه كذا, فصاح أبو بكر
فرحا وقال: صدقت يا رسول الله أشهد أنك أنت رسول الله.. واستمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول:" وباب منه في موضع كذا.." فيعود أبو بكر ويقول في
حماسة وفرح: صدقت يا رسول الله, أشهد أنك رسول الله, وظل أبو بكر يقول ذلك
في كل فقرة, ولذلك فقد سمي أبو بكر من هذا اليوم باسم الصدّيق رضوان الله
عليه.
سكت
أبو جهل والكفار وعلموا أن رسول الله لم ولن يهزم أمامهم, ولكنهم عادوا
الى التضليل والكذب وقال أحدهم: يا قوم؛وألم يخبركم الوليد بن المغيرة, فان
ما سمعناه اليوم من محمد ان هو الا السحر بعينه.
وأسرع
بعضهم يغيّر مجرى الحديث فقال: يا محمد؛ ان كنت ذهبت الليلة الى بيت
المقدس حقا فان لنا عيرا ذهبت بتجارتنا الى بلاد الشام, فهل تستطيع أن
تخبرنا أين مكانها الآن من الطريق؟
لقد وصفت لنا بيت المقدس, ولعلك تعرف مكان قافلتنا الآن فأين هي الآن من مكة؟
فأخبرهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مرّ بهذه القافلة بوادي كذا وهو متوجه
الى الشام, فخافوا من منظر البراق وجماله, لأن البراق كان سيره صوت مخيف,
فأزعج القوم, وجعل جمالهم تنفر وتهرب هنا وهناك, فهرب منهم بعير فدلهم
الرسول صلى الله عليه وسلم على مكانه.
فلما عادت القافلة, وحكى لها الكفار ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم عنهم, صدقوه, وصدقوا ما قاله عليه السلام.
وقال رجل آخر للرسول صلى الله عليه وسلم: ان لنا قافلة أخرى ذهبت الى الشام فدلنا على مكانها في الطريق.
فقال
عليه السلام:" مررت بهذا الابل وأنا قادم في مكان كذا وكذا, وفيها جمل
عليه غرارتان: غرارة سوداء وغرارة بيضاء, فلما حاذيتهم نفرت العير, أي أن
الابل خافت وذعرت من حس البراق, وصرع بعير وانكسر".
فلما عادوا الى مكة أخبروا بصدق ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم.
ورغم ذلك قالوا: هذا هو السحر.
وعاد أحدهم يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم: وان لنا ابلا, فأخبرنا بمكانها ومتى تجيء؟
فقال عليه الصلاة والسلام:" تأتيكم هذه العير يوم كذا يقدمها جمل أورق عليه غطاء من الصوف الأحمر وغرارتان."
فلما
كان وصول القافلة خرجت قريش لتنظر هل يصدق موعد رسول الله صلى الله عليه
وسلم أو لا يصدق, وكاد النهار ينتهي وأوشكت الشمس على المغيب, فقال أحد
الكفار ساخرا:
ها هو ذا اليوم ينتهي, ولم تقدم القافلة, ولم تجيء, اليوم بطل سحر محمد..
وما كاد الرجل يتم كلمته حتى صاح أحد المؤمنين المسلمين:
الله أكبر هذه طلائع القافلة قد ظهرت.
البراق العجيب
قال
تعالى:{ سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام ا