رِمَـالٌ و شُطـآنٌ يُدَاعِبُـهَـا بَـحـرُ
تَلاقَى عَلَى أَمواجِهِ الحُسْـنُ و السِّحـرُ
يَنَـامُ عَلَـى كَفَّيـهِ..إنْ يَهدأِ..الدُّجَـى
و يَصحُو عَلَى عَينَيهِ..إنْ يَهدِرِ..الفَجـرُ
و يَهمِـسُ فِـي أُذْنَيـهِ نَخـلٌ مُؤَثَّـلٌ
فَيُصغِي ، كَطِفلٍ جَـاءَهُ مِـن أَبٍ أَمـرُ
و فِي أُفْقِـهِ المُنـدَاحِ تَلهُـو نَـوَارِسٌ
يُقَرِّبهـا مَــدٌّ ، و يُبعِـدُهـا جَــزْرُ
هُنَا ، فِي فَرَادِيـسِ الوَضَـاءَةِ حَلَّقَـت
فَرَاشَاتُ ذِكـراكَ الوَضِيئَـةِ يـا بَـدرُ
عَلىَ مَقعَدِ الذِّكـرَى تَـرُوحُ و تَغتَـدِي
و فِي مَرفَـأِ الأَحـلامِ يَرتَحِـلُ العُمـرُ
هُنَا ، حَيثُ كَانَ البَحـرُ شَاهِـدَ حُبِّنَـا
عَلَى رَملِـهِ الفِضِّـيِّ أَحلامُنَـا قَصـرُ
تُسائِلُنِـي ذَاتُ الحِجَـابِ ، ومَكـرُهَـا
عَلَى وَجهِهَا بَادٍ ، و فِـي عَينِهَـا سِـرُّ
أَرَاكَ أَسِيـراً لِلعُـيُـونِ و سِحـرِهَـا
فَهَل طَابَ لِلمَأسُورِ فِي أَسْرِهَـا أَسـرُ ؟
فَقُلتُ : و قَلبِي غَـارِقٌ فِـي أَرِيجِهَـا
هُوَ الشِّعرُ يَا مَولاةَ قَلبِي ، هُوَ الشِّعـرُ
إذا زَارَنِـي شَيطَانُـهُ ، خِلـتُ أَنَّـنِـي
أَمِيرٌ ، خُيُولِي فِي الهَوَى الصِّدقُ والفِكرُ
تُسَيِّرُهَـا نَحـوَ الخَـيَـالِ صَبَابَـتِـي
و قَلبِي لَهَا مَرعَىً ، و عَيْنِي لَهَا نَهـرُ
و إنْ غَابَ عَنِّي الوَحيُ عِشـتُ كَأَنَّنِـي
عَلَى هَامِشِ الأَرقَامِ لا شَيءَ أو صِفـرُ
هُوَ الشِّعرُ تَزهُو فِي عُرُوقِـي حُرُوفُـهُ
كَمَا فِي عُـرُوقِ الأَرضِ يَلتَمِـعُ التِّبـرُ
أُغَذِّيهِ مِن رُوحِي ، و أَسقِيهِ مِن دَمِـي
فَلا تَعذُلِي شِعراً ، لِجَدبِي هُـوَ القَطـرُ
و لا تَمنَحِي الوَاشِينَ سَمعـاً ، فَإِنَّنِـي
عَلَى عَهدِنَا بَاقٍ ، و إنْ رَاقَـكِ الهَجـرُ
و قُولِي : أَنَـا بَـدءٌ لَدَيـهِ و مُنتَهَـى
فَمَا كَانَ إلا أَنتِ ..يا أنـتِ .. لا غَيـرُ
يُشَاطِـرُكِ الصَّـدرَ الرَحِيـبَ عُرُوبَـةٌ
وَهَبتُكُمَا إيَّـاهُ ، لَـم يَشتَـكِ الصَّـدرُ
هُنَا كَم بَكَـت بَغـدَادُ فِيـهِ ، فَكَفكَفَـتْ
يَدَاكِ دُمُوعاً ( مِـن خَلائِقِهَـا الكِبـرُ )
و كَم كَانَ للأَقصَـى نَصِيـبٌ بِخَافِقِـي
و يَا كَم ثَوَت فِي عُمقِ أَعمَاقِـهِ مِصـرُ
تَغَرَّبـتُ عَنهَـا مُنـذُ عِشرِيـنَ حِجَّـةً
فَلَم يَـكُ إلا أَنـتِ سَلـوَايَ و الصَّبـرُ
أَرَى النِّيلَ فِي عَينَيـكِ يُخفِـي دُمُوعَـهُ
و عَينُكِ لا تُخفِي دُمُوعاً ، هِـيَ الـدُّرُّ
تَسِيلُ عَلَـى الخَدَّيـنِ تَـروِي حِكَايَـةً
تُخَبِّؤُهَا الأَصـدَافُ ، يفضَحُهـا الثَّغـرُ
و يَرفَعُهَا مَوجٌ ، فَتَرقَـى إلـى الـذُّرى
و يَخفِضُهَـا مَـوجٌ ، فَيَستُرُهَـا بَحـرُ
هُوَ البَحرُ سِتـرِي إنْ تَعَرَّيـتُ عِنـدَهُ
هُوَ البَحرُ خَمرِي إِن تَلَـذُّ لِـيَ الخَمـرُ
هو البَحرُ سِفرِي مُـذ قَـرَأتُ سُطُـورَهُ
وَدَدتُ لَو اْنِّي فِي كِتـابِ الوَفَـا سَطـرُ
فَيَـا سَيِّـدَ الأَمـوَاهِ : رِفقـاً بِمَركبِـي
إِليهَا ، فَمَا عَهـدِي بِأَموَاجِـكَ الغَـدرُ
إلى أَرضِها خُذنِي،فَقَـد هَدَّنِـي النَّـوَى
و فِي حِضنِهَا دَعنِي، فَفِي حِضنِهَا الطُّهرُ
فَإنْ عِشتُ بَعدَ اليَومِ ، بَيتِي ضُلُوعُهَـا
و إِن مِتُّ مِثـلَ الآن ،عَلياؤُهَـا القَبـرُ