ازدهرت الحياة الفكرية
بشكل كبير في العصر العباسي بسبب ظهور عدد كبير من العلماء والمفكرين
البارزين في مختلف العلوم والاداب وميادين المعرفة الاخرى. كما ان تطور
الترجمة في اللغات الاجنبية ةالى العربية ساعدت كثيرا على ازدهار الحياة
الفكرية ويجب الاننسى التوسع في التعليم العام وبناء المدارس والمؤسسات
الثقافية مثل دور العلم والربط فضلا عن المساجد. ومن العلماء البارزين في
اللغة والادب والشعر الخليل بن احمد الفراهيدي في علم النحو والعروض (نظم الشعر) وعمرو بن الجاحظ في الادب والبلاغة والاصمعي في الادب واللغة,وتميز الامام بن ثابت الكوفي المعرف
(بابي حنيفة )والقاضي ابي يوسف في علم الفقه. واما شعراء هذا العصر أبو العتاهية والعباس بن الاحنف وابو تمام الطائي و البحتري والمتنبي والشريف الرضي وابو العلاء المعري ومن
المؤرخين البارزين محمد بن جريرالطبري و اليعقوبي وبرز في الجغرافية المسعودي أما في الرياضيات والفيزياء فقد برز أبو الحسن بن الهيثم وفي علم الجبر محمد بن موسى الخوارزمي
وفي الكيمياء جابر بن حيان
وغيره الكثير الذين ترجمت مؤلفاتهم إلى اللغات الاوربية واستفادوا منها في
النهضة الاوربية الحديثة ولقد اهتم الخلفاء بالعلم والعلماء فقربوهم
وشجعوهم ومنهم الخليفة هارون الرشيدالذي اشتهر بتقريبه العلماء والفقهاء والادباء والشعراء والكتاب وشجعهم على البحث و[عدل]التأليف ووفر لهم كل ما يحتاجون اليه في بحوثهم ودراساتهم.
اثر تطور العلم في العصر العباسي
يظهر اثر تطور العلم في هذاالعصر بأنشاء المدارس ومن اهمها1 المرسة المستنصرية
تقع في الجانب الشرقي من بغداد عن رأس جسر الشهداء وتمتد جبهتها على ضفة
دجلة, شيدها المستنصر بالله الخليفة العباسيالسابع والثلاثون
(623-640)هجرية -(1226-1242)م.بدأ بأنشائها سنة652هجرية-1227م وتكاملت في
سنة 631هجرية -1233م وانفق على بنائها 700الف دينار ذهب واوقف عليها
املاكا كثيرة تقدر بمليوني دينا يدر عليها دخلا سنويا يقدر بسبعين الف
دينار . والمدرسة المستنصرية تعد اقدم جامعة في العلم من حيث تنوع مواضيع
الدراسة فيها اذكان يدرس فيها علوم القرآن والفقه والفلسفة والحديث
والعلوم التطبيقية كالطب والصيدلة والرياضيات وغيرها. وكانت تشتمل على
جميع المستلزمات الضرورية كالمسجد وحجر الدرس والسكن والطعام وخزانة كتب
عامرة قدرت بنحو ثمانين الف مجلد ومستشفى وصيلية وساعة عجيبة وخازن وحمام
وبستان ومن ملحقاتها دار القرآن ودار الحديث.'2المدرسة النظامية وهي أول مدرسة بنيت سنة 459هجرية بناها الوزير السلجوقي نظام الملكوهو وزير
محب للعلم نسبت إلى اسمه فسميت بالنظامية
وهي من المدارس الحسنة البناء المتعددة المرافق ولم تخل اي مدينة من هذه
المدرسة اهمها تلك في بغداد التي فتحت ابوابها للدارسين بعد عامين من
بداية انشائها وكانت تدرس فيها الفقه والعلوم الاسلامية ومن أهم مدرسيها
الامام الغزالي وقد زارها الرحالة ابن جبير 'وقال عنها انها اعظم مدارس بغدادوظل بنائها قائما حتى القرن الخامس الهجري.[1]ولم
يكن الاقبال على هذه المدارس من الطلاب فقط,بل شمل ايضا الأساتذة الذين
تطلعوا ألى التدريس بها حتى وصل الامر بعضهم إلى ان يضحي في سبيل هذه
الغاية بالتخلي عن مذهبه في عصر كان التعصب المذهبي سمة من سماته البارزة,
ومن هؤلاء:أبو الفتح أحمد بن علي بن تركان المعرف بابن الحمامي ت 518هجرية كان حنبليا,فانتقل إلى مذهب شافعي, وتفقه إلى المذهب الشافعي وتفقه على أبي بكر الشاشي والغزالي فجعله
اصحاب الشافعية مدرسا بالنظامية,ويبدو ان انتقال الحنابلة إلى المذهب
الشافعي في هذه الفترة كان امرا كثير الحدوث بدرجة ازعجت أحد ائمتهم وهو أبو الوفاء بن عقيلت513هجرية
حيث ينقل عنه أبو الفرج بن الحوزي قوله: أن أكثر أعمال الناس لا يقع ألا
للناس ألا من عصم الله. أي أن معظم الناس لا يبتغون بأعمالهم وجه الله
:وأنما يحاولون التقرب بها ألى ذوي النفوذ والجاه طمعا في متاع الحياة
الدنيا, وقد أبو الوفاء المثل على ذلك بما حدث عندما جاءت دولة نظام
الملك,وعظم شأن الأشعرية والشافعية,وجد كثيرا من أصحاب المذاهب انتقلوا عن
مذاهبهم, وتوثقوابمذهب الأشعري والشافعي طمعا في العز والجرايات كانت ما تتلقاه هذه المدرسة من الأوقاف يكفي لتوفي كل المستلزمات للدارسين و الأساتذة. 3المدرسة الشرابية
(القصر العباسي) يعد من أبرز المعلم العباسية الشاخصة اليوم في بغداد وهو
بناء فخم فريد في هندسته وتخطيط عمارته ويعو تاريخ تشيده إلى القرن السابع
للهجرة,ويذهب بعض الباحثين إلى انه دار الامسناة التي تنسب للخليفة الناصر لدين الله العباسي (575-622هجرية)
بينما يذكر لفيف آخر منهم إلى انه المدرسة الشرابية التي شيدها شرف الدين اقبال الشرابي مقدم الجيوش في زمن الخليفة المستنصر بالله والمعتصم بالله العباسين
. وتذكر المصادر التاريخية ان بناء المدرسة الشرابية قد اكمل في سنة
628هجرية. ويتألف هذا البناء العباسي من طابقين يحيطان بصحن واسع مستطيل
الشكل مساحته 430مترا مربع ويتوسط الضلع الشرقي ايوان كبير ارتفاعه نحو 9م
وتوجد مجموعة من الحجر والقاعات في كل طابق. وان جميع واجهات البناية
مزدانة بزخارف آجرية جميلة التكوين تتألف من عناصر هندسية ونباتية وأبرز
الحليات المعمارية تشاهد في الرواق الجنوبي. وهناك الكثير من المدارس
الاخرى من ابرزها المدرسة المرجانية والعصمتية ومدرسة سابورين بن اردشير التي قال عنها الامام السبكي :انها أول مدرسة فتحت للفقهاء
ولم التعليم فقط بالمدارس بل كان انتشار الحلقات العلمية المختلفة في هذا
العصر وكان لكل فرع من المعرفة حلقته أو حلقاته الخاصة.. ومن أبرز الحلقات
كانت حلقة المتكلمين لما يجري فيها من مناظرات ومحاورات بينهم وبين أصحاب
الملل والنحل. وكان يتحلق كثيرون في حلقات اللغوين والنحاة, ويقال أنه كان
يحضر حلقة أبن الاعرابي الكوفي زهاء مائة شخص, وكثيرا ما كانت تحتدم
المناظرات بين أصحابها على نحو ما يروى مسألة محاورا ومناقشا مناقشات
مستفيضة. وكانت هناك حلقات للفقهاء والمحدثين والمفسرين والنحوين والشعراء
والقصاص وغيرهم. وهذه الحلقات الكثيرة لم يكن يشترط للحضور فيها أي شرط
سوى التزام قواعد السماع وآداب الحوار والمناظرة (التي جاء على ذكرها عدد
من الدباء والفقهاء والمتكلمين, وفي مقدمتهم الغزالي..). والملاحظ كثرة
العلماء والمتخصصين في كل علم وفن, حتى ليروى ان النضر بن شميل تلميذ
الخليل بن أحمد حين عزم على الخروج من البصرة إلى خراسان شيعه نحو ثلاثة
آلاف شخص بين محدث ولغوي ونحوي وأخباري. وأذا كانت البصرة اشتملت على هذا
العدد الوفير من العلماء فأنه مما لاشك فيه أن بغداد كانت تضم منهم أضعاف
ذلك.[2]
من الظواهر التي برزت في هذا العصر ايضا هي دور الوراقين المعروفة اليوم بالمكتبات ومن اهمها مكتبة دار الحكمة
او بيت الحكمة التي أنشأها الخليفة هارون الرشيد وعمل ابنه المأمون
من بعده على امدادها بمختلف الكتب في الطب والفلسفة والرياضيات ومختلف
المخطوطات الارامية واليونانية والهندية والمصنفات, فصارت تحتوي على جميع
الكتب في العلوم, كما كان للعلماء والكتاب الذين يتقاضون وزن الكتب ذهبا
والمترجمين الذين ينقلون الكتب من والى اللغة العربية والأدباء الذين كانو
يرتادونها أكبر الأثر في تقدم الحركة العلمية ونشر الثقافة العربية
وروى ابن خلكان: ان في احدى مدارس نيسابور, كان يوجد خمسمئة دواة المعدة لمن يريد الكتابة, وان الحاكم وبأمر الله الفاطمي' قد
انفق على مكتبته التي انشأها في القاهرة أموالا طائلة, وذكر: أن الصاحب بن
عباد أوقف مكتبته عل الري.وروى ياقوت ان مرو كان فيها في مطلع القرن
السابع الهجري عشر خزائن للوقوف جميعها مجانية, والأعارة فيها دون رهن,
(معجم البلدان :8/36). أما مكتبة سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة
البويهي التي انشأها في حي الكرخ في بغداد سنة382هجرية كجزء من دار العلم,
فقد أوقف عليها أوقافا كثيرة, وبلغ مجموع كتبها عشرة الاف مجلد, معظمها
بخط أصحابها .[3]
والمكتبات في هذا العصر لم تكن مجرد أماكن لبيع الكتب أنما كان أصحابها من
الأدباء ويجتمع فيها من العلماء والأدباء للمناقشة وطرح الأسئلة وكانت
المكتبات على ثلاثة انواع منها العامة التي تعير الكتب لعامة الناس
وللفقراء والطلاب والخاصة التي موجودة في بيوت الخلفاء والأمراء والأغنياء
والمكتبات بين العامة والخاصة التي تعير الكتب لطبقة معينة من العلماء
والطلاب[عدل]