اعلم
أخي هداني الله وإياك إلى كل خير ، أن للعلم مقام عظيم في شريعتنا الغراء ،
فأهل العلم هم ورثة الأنبياء ، وفضل العالم على العابد كما بين السماء
والأرض .
فعن قيس بن كثير قال : قدم رجل من المدينة على أبي الدرداء
وهو بدمشق فقال ما أقدمك يا أخي ؟ فقال : حديث بلغني أنك تحدثه عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم .
قال : أما جئت لحاجة ؟! قال : لا .
قال : أما قدمت لتجارة ؟! قال : لا .
قال : ما جئت إلا في طلب هذا الحديث .
قال
: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” من سلك طريقا يبتغي
فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء
لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض ، حتى
الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ،
إن العلماء ورثة الأنبياء ، إنَّ الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ،
إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر “[ أخرجه الترمذي (2682)] .
والعلماء
هم أمناء الله على خلقه ، وهذا شرف للعلماء عظيم ، ومحل لهم في الدين
خطير ؛ لحفظهم الشريعة من تحريف المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، والرجوع
والتعويل في أمر الدين عليهم ، فقد أوجب الحق سبحانه سؤالهم عند الجهل ،
فقال تعالى : ((فاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
)) [النحل: 43]
وهم أطباء الناس على الحقيقة ، إذ مرض القلوب أكثر
من الأبدان ، فالجهل داء ، والعلم شفاء هذه الأدواء ، وكما قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : ( فإنما شفاء العي السؤال ) [ أخرجه أبو داود (336)] .