السلام الوافي من دنيا الوافي
حكم تقسيم الميراث حال الحياة والمفاضلة بين الأولاد
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
ما الحكم فيمن يقول: إني أريد أن أقسم مالي بين أولادي قبل أن أموت حتى لا يتنازعوا عليه بعد موتي؟
الجواب :
الحمد لله
يجوز للإنسان أن يقسم ماله بين ورثته في حياته بشرط ألا يقصد الإضرار ببعض الورثة ، فيمنع بعضهم أو يعطيهم دون حقهم إضراراً بهم .
ويعتبر هذا هبة منه لأولاده ، ويلزمه العدل بينهم وعدم تفضيل أحدهم إلا لمسوّغ .
لما
روى البخاري (2587 ) ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ :
تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ ، فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ
بِنْتُ رَوَاحَةَ : لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَانْطَلَقَ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي ، فَقَالَ لَهُ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَفَعَلْتَ هَذَا
بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ :
(اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ)
فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ .
ولمسلم
(1623) : (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
يَا بَشِيرُ ، أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ :
أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ : لَا ، قَالَ :
(فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا ، فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ)
قال
ابن قدامة رحمه الله : " يجب على الإنسان التسوية بين أولاده في العطية ,
إذا لم يختص أحدهم بمعنى يبيح التفضيل , فإن خص بعضهم بعطيته , أو فاضل
بينهم فيها أثم
ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين ; إما رد ما فَضَّل به البعض , وإما إتمام نصيب الآخر . قال طاوس : لا يجوز ذلك , ولا رغيف محترق .
وبه قال ابن المبارك وروي معناه عن مجاهد , وعروة " انتهى من "المغني" (5/ 387) .
وعليه
؛ فيلزم الأب أن يسوي بين الإناث ، المتزوجة وغير المتزوجة ، وأن يعطي
للذكر ضعف ما يعطيه للأنثى ، إلا أن يرضى أولاده بالتفضيل في العطية ، فلو
رضي الجميع بالقسمة التي وردت في السؤال فلا حرج ، بشرط أن يكون الرضى
حقيقياً .
وإذا لم يقصد الرجل حرمان أمه من التركة ، فلا حرج عليه في تقسيم أمواله بين أولاده فقط ، لأن ذلك من باب الهبة كما سبق
وإن جعل شيئًا لأمه فهذا أولى وأحرى ، فإن حقها في البر عظيم ، ولو مات كان لها سدس التركة .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (71297) .
والله أعلم .